في هذه البقعة النائية من سيبيريا لا يمكن اعتبار البرد مسألة عابرة؛ إذ تتجمد بها رموش العيون، كما تعد لسعة الصقيع من المخاطر الداهمة المستمرة، وعادة ما تبقى السيارات مُدارة حتى وإن لم تكن تُستخدم خشية أن تتوقف البطاريات بسبب درجات الحرارة التي تبلغ سالب 58 درجة فهرنهايت في الشتاء.
إنها “أويمياكون”، إحدى المستوطنات الروسية التي تضم 500 مواطن في إقليم ياقوتيا الروسي، ونالت شهرة عالمية باعتبارها أبرد مستوطنة بشرية دائمة في العالم.
ولم تنَلْ تلك البقعة تلك السمعة بيُسر وسهولة؛ ففي وقت سابق من العام الماضي تسببت برودة الطقس الشديدة في انخفاض درجات الحرارة هناك لأدنى المستويات القياسية المسجَّلة.
وتصل درجة الحرارة في تلك القرية في بعض الأحيان إلى 70 درجة تحت الصفر، وهي أقل درجة حرارة تُسجَّل في مكان مأهول في نصف الكرة الشمالي.
ويعيش في تلك القرية 500 نسمة فقط. وبسبب الطقس القاسي لا تنمو محاصيل هناك، فيما يعتمد أهلها على لحوم الأيائل والخيل دون أن يصابوا بسوء تغذية.
ويبلغ طول النهار في هذه القرية ثلاث ساعات بالشتاء، ويصل إلى 21 ساعة في الصيف الذي لا يمكن أن تتعدى فيه درجة الحرارة 30 درجة.
ومن المشاكل التي يواجهها السكان في حياتهم اليومية بالقرية البعيدة تجمُّد أحبار الأقلام، والتصاق النظارات على الأوجه، وسرعة نفاد بطاريات الطاقة.
وبسبب قسوة الطقس فإن سكان القرية يُبقون سياراتهم على وضع التشغيل طوال اليوم خشية عدم تمكُّنهم من إعادة تشغيلها إذا أوقفوا المحرك.
وعلى الرغم من وجود تغطية لشبكات الاتصالات فإن الهواتف النقالة لا تلتقط التغطية في الظروف شديدة البرودة.
وهناك مشكلة من نوع آخر؛ إذ يستغرق دفن الموتى مدة لا تقل عن ثلاثة أيام؛ إذ يجب إذابة الجليد بالفحم المشتعل قبل حفر الأرض.
وكانت البلدة وجهة الفضول العالمي المتنامي بسبب سمعتها بوصفها أبرد بقعة على وجه الأرض، إلى جانب سكانها الصامدين الذين يتحملون تلك الظروف الجوية القاسية عامًا بعد عام.