قبل شهر ونصف الشهر كان الإعلام الغربي يتحدث عن زيارة سمو ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لواشنطن، والذي وصفه الإعلام الغربي بـ”الرجل القوي” الذي يقود برنامج إصلاح اقتصادي وسياسي طموح، ويسعى لتعزيز علاقات السعودية مع جميع حلفائها، بهدف محاربة الإرهاب وكبح جماح إيران في منطقة الشرق الأوسط.
وتصدر موضوعا الإرهاب وإيران مباحثات ولي ولي العهد مع ترامب، حيث تدرك الإدارة الأمريكية أهمية السعودية كدولة مهمة في الشرق الأوسط، والتي تلعب دورًا رئيسًا في مكافحة الإرهاب وحماية المصالح الأمريكية، ولما حققته الحكومة السعودية من تتبع منابع الإرهاب واجتثاثه خلال السنوات الماضية، وكذلك ما قدمته أجهزة الاستخبارات السعودية من تمرير معلومات استخباراتية عن محاولات إرهابية تستهدف مواقع في دول كثيرة.
اليوم وبعد 45 يومًا تقريبًا، أدار الرئيس الأمريكي بوصلة زياراته الخارجية، إلى أقوى حليف في الشرق الأوسط، هذا الحليف الذي يمتلك قوة سياسية واستراتيجية وصاحب تأثير في العالم، إنها المملكة العربية السعودية وهي الوجهة الأولى لزيارات الرئيس الأمريكي الأولى منذ تسلمه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .
هذه الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاءت بعد محادثات المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، والتي كسر فيها الرئيس الأمريكي البروتوكول ودعا ولي العهد السعودي إلى غداء عمل في القاعة العائلية. من هنا اتضح للعالم الاهتمام الأمريكي بالدور السعودي، والذي كسرت لأجله بروتوكولات ظلت عقودًا لم يكسرها أحد غير أن الرئيس الأمريكي كسرها لإيمانه بدور السعودية وما تملكه من قوة إقليمية مهمة، وتتطلب من الإدارة الأمريكية أن تقيم علاقات إيجابية معها في ظل التوترات السابقة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما .
“القوي الأمين”.. هو ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي أنهى محادثاته مع الرئيس الأمريكي في خمس ساعات وضع من خلالها النقاط على الحروف، وأزال ما ران على علاقات البلدين خلال السنوات الثماني الماضية، واستطاع أن يؤثر في العلاقات السعودية الأمريكية .
وقررت الحكومة الأمريكية أن تنظر إلى حليفها الاستراتيجي الذي تربو العلاقات الاستراتيجية معه أكثر من 50 عامًا بعين الاهتمام البالغ في تقوية العلاقات في جميع جوانبها، خصوصًا بعد مرحلة الفتور في العلاقات السعودية الأمريكية في السنوات الماضية.
ويصف مراقبون أن الرئيس الأمريكي رحب بالتضامن السعودي الأمريكي، والتي تنتهي من خلاله سياسة أوباما المتراخية والتقاربية تجاه الدولة الفارسية، ورفع العلاقة لمستوى أكبر، وخصوصًا فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، والوقوف ضد سياسة إيران العدائية.
وأدركت السياسة الأمريكية أن إيران وحرسها الثوري يسعيان إلى تقويض المصالح الأمريكية في المنطقة، وكذلك ما يقوم به النظام الإيراني من دعم الجماعات الإرهابية، كالقاعدة وداعش وحزب الله، والدور الإرهابي لجماعة الإخوان المسلمين، خصوصًا أن نيات إيران في التوسع والهيمنة معلومة للعالم بأسره، وهو شأن تطابقت حياله وجهات النظر السعودية والأمريكية، خصوصًا أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس يعد من الخبراء في شؤون المنطقة، ولمس بنفسه محاولات إيران التدخل في شؤون دول المنطقة وسوء سلوكياتها.
ويؤكد مراقبون أن زيارة الرئيس الأمريكي إلى السعودية تأتي في وقت تحيا فيه العلاقات بين واشنطن والرياض حالة من التقارب في وجهات النظر حيال العديد من القضايا، فضلاً عن المستجدات والتطورات الأخيرة التي شهدتها بعض الملفات الساخنة بمنطقة الشرق الأوسط، والتي لعبت دورًا محوريًا في تفعيل سبل التعاون المشترك بين الجانبين، في ظل التغير الواضح الذي تشهده خريطة التحالفات في المنطقة من جراء الصراع الخفي بين موسكو وواشنطن.