يذكر المؤرخون رسالة السلطان المسلم الذي حكم موسكو حين قال: “من (السلطان) أوزبك إلى أمرائنا كبيرهم وصغيرهم وغيرهم، إن كنيسة بطرس مقدّسة، فلا يحل لأحد أن يتعرّض إليها أو لأحد من خدمها أو قسيسيها بسوء، ولا أن يستولي على شيء من ممتلكاتها أو متاعها أو رجالها، ولا أن يتدخل في أمورها، لأنها مقدسة كلها. ومن خالف أمرنا هذا -بالاعتداء عليها- فهو أثيم أمام الله وجزاؤه منا القتل”!!.
ولعل كلمات هذا الميثاق السلطاني الإسلامي -الذي بموجبه تمتعت المسيحية الأرثوذكسية الروسية بالحرية الدينية في أسمى وأكمل صورها- هي خير ما نفتتح به هذه الإطلالة على العلاقات بين الروس والمسلمين على مسرح التاريخ، بما شهدته من لحظات موادعة ومحطات مصارعة.
بل إن عدم مساس المغول المسلمين حينها بوضعية كاتدرائية الروس الكبرى -كما فعل مثلاً العثمانيون لاحقًا مع كنيسة “آيا صوفيا” البيزنطية- كان لحظة فارقة في تاريخ روسيا القومي والديني؛ فقد حمى مسيحيتها من أن تلقى مصير المسيحية البيزنطية نفسه على ما نالته هي الأخرى من حرية وحماية عثمانية. وإذا كان من شيء مهم بقي لروسيا من عهود خضوعها لحكم المسلمين؛ فلا بد أن يأتي في صدارته ذلك الموقف الحضاري العظيم في شتى دلالاته.
وعندما قرر المسلمون التوجه شمالاً قرابة سنة 20هـ/641م ففتحوا أذربيجان التي كانت خاضعة للدولة الفارسية الساسانية، وقد استمرت هذه المحاولة عامين كاملين ثم واصل المسلمون إرسال جيوشهم إلى عموم منطقة جنوبي القوقاز.
وتقدمت القوات الإسلامية باتجاه مناطق جنوبي روسيا اليوم ليقيموا لهم موقعًا على الجانب الأوروبي وواصلوا التقدم حتى موسكو التي أصبحت عاصمة القياصرة لاحقًا.