يسعى العراق إلى رفع مستوى التنسيق مع دول الجوار للحد من تهريب النفط وتسلل الإرهابيين وضبط الحدود، إذ شدد النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي حاكم الزاملي على ضرورة “رفع مستوى التنسيق الأمني مع سوريا وضبط الحدود بما يضمن عدم تسلل الإرهابيين والحد من عمليات تهريب النفط ووضع المعالجات اللازمة بشأن ذلك”.
تبادل المعلومات الاستخبارية
الزاملي دعا خلال لقائه السفير السوري في بغداد صطام الدندح إلى “أهمية تبادل المعلومات الاستخبارية حول تحركات الخلايا الإرهابية، لا سيما في المناطق الرخوة التي تنشط فيها بين البلدين”. واتفق الطرفان على “أهمية استثمار العلاقات السياسية المتوازنة الحالية للمضي نحو تعزيز الاستثمار في مجال الزراعة والصناعة وتنشيط الحركة التجارية بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين”.
وكانت قيادة العمليات المشتركة أكدت وجود تعاون مع دول الجوار على صعيد مكافحة الإرهاب، وتحدثت عن تحصين الحدود مع سوريا على مستوى مختلف الأجهزة الفنية لملاحقة المتسللين ومنع دخولهم الأراضي العراقية.
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي في تصريحات صحافية، إن “تأمين الحدود بين العراق وسوريا تضمن أجهزة فنية ومعدات وأبراج مراقبة ذكية وتعزيزات بقطاعات أمنية وخطوط دفاعية”.
وذكر الخفاجي أن “هناك تبادلاً للمعلومات وتنسيقاً عالياً بين العراق وجميع دول الجوار في مجال مكافحة الإرهاب، كما أن القوات الأمنية تمكنت من رصد حركة الإرهابيين عبر الكاميرات الحرارية، وأصبحنا بدرجة عالية من القدرة لمنع أي خرق أو تسلل باتجاه حدودنا من كافة الاتجاهات”.
ومضى الخفاجي إلى أن “الكاميرات في الحدود باتت تؤمن المعلومات الاستخباراتية للقوات الأمنية وتعطي موقفاً أمنياً دقيقاً وتعمل بشكل ممتاز مع قطاعاتنا”.
الجبهة الميدانية
بدوره، ذكر الخبير الأمني أحمد الشريفي في تصريحات صحافية أن “تنظيم داعش كان غير تكتيك المعركة وفتح جبهة تمتاز بقضيتين غاية في التعقيد بالنسبة إلينا، الأولى تتمثل بطول الجبهة الميدانية التي تتجاوز 500 كيلومتر ابتداء من خط التماس مع الحدود السورية مروراً بمحافظتي نينوى وكركوك ومن ثم صلاح الدين وصولاً إلى ديالى، أما الثانية فهي تعقد جغرافية هذه المنطقة التي قد يستغلها الإرهاب في حروب جبلية أو مستنقعات وبالتالي فإن التهديد فيها يعتبر كبيراً للغاية”.
وأورد الشريفي أن على “قواتنا في ظل تلك الخطط أن تحقق عمليات استباقية من خلال الاعتماد على المعلومة الاستخبارية والاستعانة بسلاح الجو وتنفيذ الهجمات على نحو دقي يكلف التنظيم الإرهابي خسائر كبيرة”.
وواصل، “الهجمات الاستباقية لقواتنا الأمنية لا يمكن أن تنجح إلا بقراءة واضحة للميدان وتنسيق بين الصنوف البرية والجوية لتحقيق النتائج”.
وذكر الشريفي أن “التحدي لا يزال موجوداً لكن ليس بالخطورة نفسها، لا سيما مع استمرار جهود قواتنا الأمنية في تأمين الحدود والاستعانة بوسائل فنية لتعقب المتسللين”.
وانتهى الشريفي إلى أن “عدد المنضوين تحت التنظيم الإرهابي قد تناقص وتحول من جيش جوال إلى جماعات جوالة، وبمجرد أن يتم رصدها بالجهد الاستخباري يمكن القضاء عليها بسهولة في ظل الهيمنة الواضحة لقواتنا المسلحة”.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في وقت سابق نجاح القوات الأمنية في الحد من تسلل الإرهابيين عبر الحدود، وأشارت إلى انخفاض العمليات الإرهابية لأقل من النصف، مشددة على أن القوات الأمنية استخدمت أسلوباً وتكتيكاً جديدين في الجهد الاستخباري والأمني والفني يعتمد على المعلومات الاستخبارية في توجيه ضربات جوية من قبل سلاح الجو، ونوهت إلى أن الضربات الجوية أسفرت عن قتل قادة الإرهابيين من الخط الأول، ومطاردة مفارزهم وإلقاء القبض عليهم.
الهول السوري
في المقابل، أكد القيادي في الإطار التنسيقي تركي العتبي أن “نصف الإرهاب في العراق يأتي من الهول السوري”.
وقال العتبي في تصريح صحافي إنه “حذر منذ نحو عامين من خطورة مخيم الهول الذي يضم أكثر من 30 ألف إرهابي من مختلف الجنسيات على أمن العراق، بخاصة مع وجود مئات الكليومترات من الحدود المشتركة”.
وأضاف العتبي أن “التصعيد الأمني في الأنبار وقبلها ديالى من قبل (داعش) دلل على تلقيه دعماً مادياً وبشرياً في آن واحد لتنفيذ مخططاته الإجرامية”، مؤكداً أن نصف “العمليات الإرهابية في العراق تأتي من هذا المخيم من طريق تسلل عناصره الإجرامية”.
وأشار إلى أن “تعزيز أمن الحدود بين العراق وسوريا أولوية في الأمن القومي للبلاد”، مؤكداً أن “الأحداث الأخيرة في الأنبار تستدعي جهوداً أكبر لتأمين المناطق النائية وسد الفراغات”.
زيادة التنسيق
الباحث السياسي صالح لفتة اعتبر أن من الأولى للعراق أن يزيد التنسيق الأمني مع جميع جيرانه لضبط الحدود والحد من تسلل الإرهابيين ومنع عمليات تهريب النفط والأسلحة والمخدرات، ووضع الحلول الكفيلة بما يضمن سلامة وأمن البلدين، فحتى الدول العربية التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة السورية العام 2011 وما تبعها، بدأت بمراجعة مواقفها وفتحت القنوات الدبلوماسية لتبادل الزيارات مع القيادة السورية، وهي لا تشترك حدودياً مع سوريا ولا تجاورها، فكيف بالعراق الذي لم يتورط بعمليات تزعزع أمن واستقرار الدولة السورية، مما يعني أن لديه كثيراً من العوامل الإيجابية التي تسهم في تطوير العلاقات الثنائية وزيادة مستوى العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، مما يعود بالنفع على البلدين الشقيقين”.
وأكد لفتة أن “العراق وسوريا كلاهما اكتوى بنار الجماعات الإرهابية، وما زالت تلك الجماعات تنشط في المناطق الحدودية للدولتين، ومن دون تنسيق أمني لضبط الحدود ستبقى نشطة تستبيح الدماء وتزعزع الاستقرار”.