يكتسب الزي التقليدي الحبشي شهرة كبيرة عبر تشكيلاته التي يغلب عليها اللون الأبيض، وعلى الرغم من تأثر المجتمعات بظروف محلية وخارجية، ظلّت إثيوبيا محافظةً على تراثها الخاص بالزي القومي بأشكاله وألوانه ومناسبات ارتدائه في الأفراح والأعياد.
والزي التقليدي الحبشي، أو ما يطلق عليه محلياً “هقر بهلوي البسات” يحظى بذوق إثيوبي خالص، ويتطور منافساً، بخامات خيوطه وغزله وجماله، الأزياء العالمية. وتنشر محلاته في مختلف المدن والأقاليم، كما أن له معارض خاصة به في منطقة “شيروميدا” بوسط العاصمة أديس أبابا، وتشتهر بعض الأقاليم بصناعته كبحر دار، وغوندر، وتيغراي، وهرر، وجنوب إثيوبيا، ودسي، وولايتا، عبر محترفي الغزل، الذين يديرون صناعته بأدوات تقليدية.
وتمثل صناعة الزي الحبشي في مختلف الأقاليم مهنة متوارثة تحتفظ برونقها منذ مئات السنين.
ولا يقتصر الثوب التقليدي على جنس دون آخر، وعلى الرغم من شهرته في أوساط النساء، فإن للشباب والأطفال وغيرهم نصيباً في تشكيلاته، التي تحتوي على الرسومات المختلفة المرتبطة بالدلالات الإثيوبية.
مقتنيات ثمينة
لصناعات الغزل الإثيوبية تقاليد لا تحيد عنها، إذ يحتل الغزل اليدوي المصنوع من خامات القطن القمة في نوعية الملابس، التي عادةً ما تكون غالية الثمن، وتحتكرها الفئات المقتدرة مالياً، وتحتفظ بعض الأسر بالملابس التقليدية كمقتنيات ثمينة تفتخر بها. تقول أمينة آدم كبدو، صاحبة محل لبيع الملابس، إن “أنواع الملابس التقليدية كثيرة، وما يجمع بينها هو القطن الذي تنسج منه بطرق يدوية، إلى جانب النقشات الحبشية المعتادة على أطراف الفساتين أو في وسطها. كما يتبع التطريز إشارات موحدة كخطوط أو رسومات، وبعضها يكتفي بالخيوط الذهبية أو الفضية على الأطراف، وبعضها خالٍ منها تماماً”.
تشير أمينة إلى “التفاوت في كثافة النسيج ما بين الرقة والسماكة، بحسب نوع وغرض الفستان التقليدي”. وتتابع، “معظم رسومات الملابس التقليدية تحتوي على إشارات دالة على التراث الإثيوبي، فتتصدر رسومات دينية كالصليب أو الهلال بالنسبة للمسلمين واجهة الفستان، كما تشتمل نوعيات أخرى على رسومات وطنية كالقلاع والشخصيات التاريخية”. وتضيف، “يحدد النسيج، بنوعية خيوطه ودقة صناعته، سعر اللبسة التقليدية، إذ يصل في بعض الأنواع إلى 70 ألف بر (نحو 10 آلاف دولار)، كما أن هناك أنواعاً أخرى تعتمد على القماش العادي، برسومات وتطريزات وخطوط معينة، وهي تتفاوت في الأسعار، وتتميز بالألوان المختلفة التي يغلب عليها الأحمر أو الأخضر أو الأزرق الذي يسميه الإثيوبيون السماوي”.
طقوس الارتداء
وحول تقاليد ارتدائها تشير أمينة إلى أن “الملابس التقليدية الإثيوبية تلبس في أحوال معينة أشهرها مناسبات الزواج والأفراح وأيام الأعياد الدينية والوطنية، وفي أداء الصلوات بالكنائس والمساجد، وتلبسها الفتيات كذلك عند إعدادهن القهوة الحبشية، سواء في البيوت أو الفنادق أو المطاعم الكبيرة، بخاصة في مناسبات الأعياد المختلفة. وعند الاحتفاء بالضيوف في البيوت أو المكاتب. كما يرتبط ارتداؤها كذلك بالسفر إلى الخارج، حيث تلبس كدلالة على الهوية الوطنية، وترتديها النساء والفتيات وفق طقوس معينة، ولا بد أن تكون اللبسة كاملة، تشمل الفستان والطرحة، إلى جانب الشال في بعض اللبسات، ويسمى (شنقروا)، وهو كذلك على طراز منسجم مع اللبسة”.
يقول الكاتب الإثيوبي، زاهد زيدان الهرري، إنه “على الرغم من أن الزي التقليدي الإثيوبي يتشابه في شكله، فإن لكل قومية من القوميات ما يخصها من حيث التصميمات والألوان، فأهل الشمال يفضلون الأبيض، ولكل قومية إضافاتها، وهي رسومات وخطوط تعبر عن تراثها الخاص، ولا تغير هذه الإضافات في شكل الزي الحبشي التقليدي كونه دلالة قومية موحدة”.
زاهد يوضح أن “التراث التقليدي الحبشي يجمع في صناعته اليدوية إلى جانب الملابس، طواقم الأفرشة (الملايات) والأثواب القطنية التي يرتديها كبار السن للوقاية من البرد، إلى جانب الكثير من التقليعات، كما أن هناك صناعات يدوية هي الأخرى لها علاقة بالملبوسات الحبشية، كالشنط القماشية، والأكسسوارات، والصناعات الجلدية التقليدية، وتباع إلى جانب الملابس التقليدية كتراث إثيوبي”.
ويضيف، “تكتسب الملابس التقليدية مكانتها عبر اهتمام الجهات الحكومية، التي ترعى التراث الإثيوبي، وتقدم له الدعم بجميع أشكاله. وتشارك محلات الملابس التقليدية بالمعارض المحلية والخارجية”.