في طفولتي، كنت أتوسل لأمي كي تسمح لي بالصوم في شهر رمضان. كنت أراها هي وإخوتي الأكبر سناً يحتفلون بالشهر الكريم من خلال الصيام، ولقد رغبتُ بشدة في مشاركتهم ذلك الشعور.
واعتادت أمي أن تطمئنني بالقول، “أنت تصومين فعلاً، بين الوجبات!”، وشكل ذلك طريقتها في إقناعي، لأنني كنت في العاشرة من عمري وصغيرة على الصوم.
يمثّل شهر رمضان المبارك وقتاً للاحتفال وكذلك للتفكر. غالباً ما يجتمع الأصدقاء والعائلة لتناول الإفطار معاً. وتجري فيه فعاليات مجتمعية كثيرة، إذ تشبه كل وجبة إفطار احتفالاً صغيراً، يكتمل بوليمة شهية يستمتع بها المجتمعون.
لطالما أحببت شهر رمضان، لأنه يستحضر إحساساً حقيقياً بالسعادة والانتماء إلى الجماعة. مع ذلك، لم تكن تجربتي مع رمضان، في السنوات الأخيرة سهلة أو مملؤة بالبهجة.
لقد عانيت من اضطراب في الأكل خلال سنوات مراهقتي الأخيرة وبداية العشرينات من عمري، وكان الاضطراب خطيراً للغاية إلى درجة أنني اضطررت إلى التوقف عن الدراسة فترة من الوقت خلال سنتي الأخيرة في الجامعة. لقد بلغتُ الآن الثامنة والعشرين، وتحسنت حالتي إلى حد كبير، لكنني ما زلت أجد أن شهر رمضان يثير ذلك الاضطراب [في الأكل] بشدة.
لطالما خشيتُ من الاعتراف بذلك، لأنه يبدو محرماً إلى حد ما، حتى بالنسبة لي. إنّ رمضان أقدس شهر في السنة بالنسبة للمؤمنين [بالإسلام]، لذلك أنا مستاءة من عدم تمكني من الاستمتاع به كبقية المسلمين.
وعلى الرغم من محاولاتي الصيام خلال شهر رمضان في السنوات الأخيرة، إلا أنها لم تنجح إلى حد كبير. أعادني الشعور بالجوع المستمر إلى أيام مرضي المظلمة، ومع أنني حاولت التخفيف من التجربة بعدم الصيام كل يوم، إلا أن العبء الذي ألقي على صحتي العقلية كان أكبر من أن أتحمله.
لهذا السبب، اتخذت قراراً بعدم الصيام هذا العام. بدلاً من ذلك، سأحاول التركيز على التأمل والتفكر والعمل على تحسين نفسي، بالإضافة إلى قراءة القرآن ومحاولة النهوض بمزيد من الأعمال الخيرية. سأستمر في قضاء الوقت مع أحبائي، وآمل في أن أحضر أكبر عدد ممكن من ولائم الإفطار والفعاليات المجتمعية.
احتجت إلى جهد كبير حتى أصل إلى هذه المرحلة من حياتي، وما زلتُ أشعر بالذنب المؤلم لأنني لن ألتزم بتقاليد شهر رمضان. غالباً ما أسأل نفسي إذا كنت مسلمة حقيقية لأنني لا أصوم، وأحياناً كنت أتساءل عن علاقتي بالله.
ينص القرآن على أن واجب الصيام لا يفرض على الأشخاص الذين يعانون من اعتلال في الصحة. وفي كثير من الأحيان، يُفسر ذلك على أنه يعني الأمراض الجسدية وحدها. لكن بالطبع، اعتلال الصحة النفسية- العقلية مهم أيضاً.
يجب أن يكون هناك وعي أكبر في المجتمع الإسلامي تجاه الأشخاص الذين يعانون من اعتلال الصحة النفسية- العقلية وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في الطرق التي تمكّنهم من الاحتفاء بشهر رمضان.
وفيما يشكّل الصيام جزءاً كبيراً من رمضان، إلا أنه ليس الطريقة الوحيدة للاحتفاء بالشهر، ولن تفقد هويتك المسلمة إذا كنت لا تستطيع الصوم لأي أسباب صحية أو شخصية.