تعتزم دراسة جديدة كبيرة البحث في التأثير الذي تطرحه الملوثات اليومية على نمو الأجنة في أرحام أمهاتهم.
كان بحث سابق كشف عن الضرر الذي يلحقه تلوث الهواء بنمو الأجنة وحجمها، فضلاً عن ارتباطه بحصول ولادات مبكرة لدى الأمهات.
لإنجاز الدراسة المنتظرة، سيصب العلماء في “جامعة سوانسي”Swansea University جهودهم على الملوثات التي يحملها الهواء الخارجي والدخان الناتج عن وسائل النقل، إضافة إلى المواد المسببة للتلوث في الأماكن المغلقة، من قبيل مواقد الحطب، ومنتجات التنظيف، والطهو.
اللافت أنها ستكون الدراسة الأولى من نوعها التي تتتبع أوجه تأثير التلوث في الوظائف التي تؤديها أعضاء الجسم المختلفة، مثل الرئتين والدماغ، ما يفضي في نهاية المطاف إلى سوء الحالة الصحية في مرحلة الطفولة.
في الدراسة، ستؤخذ عينات بيولوجية من متطوعات حوامل على فترات مختلفة طوال مرحلة الحمل، ثم سيعمل العلماء على تحليل التأثيرات التي تركتها عليها المواد الملوثة العالقة في الهواء.
عينات الحوامل ستؤخذ من التجويف الأنفي والدم المحيطي الذي يدور في الأوعية الدموية الطرفية [الموجودة في الذراعين واليدين والساقين والقدمين]، ودماء الحبل السري، كذلك من المشيمة والحيوانات المنوية.
في مرحلة لاحقة، سيترك العلماء العينات المذكورة تتعرض لجزيئات ملوثة للهواء متناهية الصغر تُسمى “بي أم 2.5” (PM2.5)، علماً أنها عبارة عن مزيج من الملوثات الكيماوية والبيولوجية، بما في ذلك غبار المنزل، ومركبات عضوية متطايرة، ومواد كيماوية تحتوي عليها منتجات التنظيف.
علاوة على الملوثات المذكورة آنفاً، سيصار إلى تعريض عينات الحوامل أيضاً لمواد أخرى محمولة في الهواء، من قبيل غبار طلع النباتات والفيروسات.
كذلك سيقيس العلماء حجم التعرض للملوثات الطبيعية داخل منازل الحوامل، ويدرسون أوجه استجابة أجسام تلك النساء للبيئة، ثم سيواصلون لاحقاً تتبع الحالة الصحية لدى أطفالهن فيما يكبرون.
البروفيسورة كاثي ثورنتون، أستاذة علم المناعة البشرية في “جامعة سوانسي”، قالت، إن “تعاوننا الواسع في المملكة المتحدة سيكون العمل الأول الذي يستكشف أوجه الاختلاف المحتملة في الاستجابة لتلوث الهواء لدى النساء الحوامل، وذلك كطريقة لفهم العواقب الصحية التي يطرحها التلوث على أطفالهن”.
“إلى جانب ذلك، سنتعاون مع النساء الحوامل وأسرهن، وعامة الناس، والحكومة المحلية والوطنية، كذلك شركات الأعمال، كي نرصد أوجه التعرض لتلوث الهواء التي تطال النساء الحوامل في الأماكن المغلقة والمفتوحة، من ثم ربطها بالنتائج الصحية اللاحقة للطفل”، أضافت البروفيسورة ثورنتون.
“يهدف هذا النهج الطموح إلى المساعدة في وضع سياسات متعلقة بهذا المجال، وتطوير إجراءات تدخلية، بما في ذلك إيجاد أدوات بسيطة ترصد سريعاً مدى نجاح التدخل”، وفق البروفيسورة ثورنتون.
تلقى المشروع الذي سيستغرق أربع سنوات من العمل تمويلًا بقيمة 3.4 ملايين جنيه استرليني من “المعهد الوطني للبحوث الصحية” (اختصاراً NIHR) في بريطانيا، وبرنامج “البحث والابتكار في المملكة المتحدة” (اختصاراً UKRI) عبر برنامج يهدف إلى تعزيز البحوث المتعددة التخصصات في المجالات الرئيسة المتصلة بجودة الهواء، بما في ذلك صحة الإنسان.
البروفيسور ستيفن هولغايت، الذي عينه برنامج “البحث والابتكار في المملكة المتحدة” بطلاً في مهمة سميت “أبطال الهواء النظيف”، قال إن “نوعية الهواء الرديئة تلحق الأذى بملايين الأرواح، ولكن تأثير الملوثات في الأماكن المغلقة ما زال يكتنفها شيء من الغموض”.
وتابع البروفيسور هولغايت قائلاً، “تمويل البحث في هذا المجال إحدى الأولويات الرئيسة لدى برنامج “البحث والابتكار في المملكة المتحدة”. عبر مشاركة نتائجنا مع الحكومة المحلية والوطنية وشركات الأعمال، والجمعيات الخيرية، والناس، نأمل في أن يقلص بحثنا من الآثار السيئة التي تخلفها أوجه تعرض الحوامل لتلوث الهواء على صحة الطفل”.