تبيّن أن الملح الذي يستخدم كمكون “خفي” غير مُشار إليه في بعض أنواع “الباراسيتامول“، الدواء المُسكّن للآلام والخافض للحرارة، من شأنه أن يفاقم خطر الإصابة بأمراض القلب والوفاة، بحسب ما يشير بحث صدرت نتائجة أخيراً.
حذر أكاديميون من أن الناس يتناولون غالباً أدوية مُسكّنة للألم قابلة للذوبان من دون علمهم أنها تحتوي على الصوديوم، الذي تضيفه الشركات المصنعة إلى مكونات الدواء لأنه يساعد الأقراص على الذوبان بسهولة أكبر في الماء.
وقال هؤلاء إن عدم معرفة مستهلكي “الباراسيتامول” باحتواء هذه الأقراص على مادة الصوديوم يعني أنهم أكثر عُرضة لأن يتجاوزوا كمية الملح اليومية الموصى بها، التي تبلغ غرامين. حتى إن البعض ربما يتخطى هذه العتبة عبر تناول الأدوية وحدها، ذلك أن ثمّة أقراصاً تحتوي على ما يصل إلى 0.44 غرام من الملح.
وعلى الرغم من أن غالبية أشكال “الباراسيتامول” لا تحتوي على الصوديوم، يشير الخبراء إلى أن على الشركات المصنعة التي تلجأ إلى ذلك أن تذكر الأمر في تحذير صحي على عبواتها من الأدوية.
البروفيسور تشاو زنغ، من “جامعة سنترال ساوث” في تشانغشا بالصين، الذي تولى الإشراف على الدراسة، يعتقد أن على الأطباء أن يصفوا دائماً أدوية خالية من الملح بغية خفض المخاطر التي تنطوي عليها هذه المادة.
وقال البروفيسور زنغ، إن “على الناس ألا يكتفوا بالتنبّه إلى الملح الذي يستهلكونه في طعامهم، بل أيضاً عليهم ألا يغضّوا الطرف عن كمية الملح الموجودة كمكون خفي في الأدوية المحفوظة في خزانتهم”.
وأضاف البروفيسور زنغ، أن “نتائجنا تشير إلى ضرورة مراجعة ملف السلامة الخاص بـ(الباراسيتامول) الفوّار والقابل للذوبان.”
استندت الدراسة، التي نشرت في مجلة “يوروبيان هارت”European Heart Journal، إلى تحليل بيانات مستقاة من 790 عملية جراحية شهدتها بريطانيا بين عامي 200 و2017
نظر الباحثون في مجموعة تتألف من 300 ألف مريض تراوحت أعمارهم بين 60 و90 عاماً، وقد عانى نصفهم ارتفاع ضغط الدم. تناول بعضهم “الباراسيتامول” الذي يحتوي على الصوديوم، خلافاً لبقية المرضى.
في المجموعة التي كابدت ضغط الدم المرتفع، بلغ خطر الإصابة بقصور في القلب أو الإصابة بسكتة دماغية 5.6 في المئة لدى المرضى الذين تناولوا طوال سنة “باراسيتامول” تشتمل مكوناته على الملح، و4.6 في المئة لدى من استهلكوا دواءً خالياً من الصوديوم.
لم يختلف الأمر بالنسبة إلى المجموعة التي لم تُعانِ ارتفاع ضغط الدم، إذ جاء احتمال الإصابة بأمراض القلب أعلى بين صفوف المرضى الذين تناولوا “باراسيتامول” يحوي ملحاً. بينما بلغت نسبة الخطر 4.4 في المئة لدى هؤلاء، كانت 3.7 في المئة في أوساط من أخذوا علاجاً خالياً من الصوديوم.
كذلك اكتشف فريق الباحثين الدوليين أن احتمال الوفاة في فترة المتابعة كانت أكبر بين أوساط من يستهلكون “باراسيتامول” يحتوي على الملح.
تعقيباً على الدراسة، قال اثنان من الأكاديميين من “معهد جورج الأسترالي للصحة العالمية”، إن المخاطر التي تطرحها هذه الأدوية آخذة في التفاقم، نظراً إلى الإقبال المتزايد على الأقراص “الفوّارة”.
وأكد الأكاديميان “الحاجة الماسّة إلى حماية المستهلكين من هذه المخاطر”، موضحين أن “الاستراتيجية السديدة والأكثر فاعلية تقضي بإلزامية وضع علامات على جميع الأدوية التي تحتوي على كميات كبيرة من الصوديوم، فضلاً عن إضافة ملصق تحذيري على مقدمة العبوة”.
ولكن في رأي البروفيسور نيليش ساماني، المدير الطبي في “مؤسسة القلب البريطانية”، شابت الدراسة أوجه قصور لأنها لا تتضمن بيانات بشأن كمية الملح التي يستهلكها الناس عبر وجباتهم الغذائية.
“من المهم أيضاً أن نتذكر أن في مستطاع الدراسات القائمة على الملاحظة، على شاكلة هذه الدراسة، تبيان الارتباط فحسب، من دون تأكيد السببية”، وفق ما قال البروفيسور ساماني.
يبقى أن البحث أشار إلى أن 170 شخصاً من كل 10 آلاف بالغ في بريطانيا يستخدمون أدوية تحتوي على الصوديوم، علماً بأن من المرجح أكثر أن يتناولها كبار السن مقارنة مع الشباب.
(شاركت “برس أسوسيشن” في إعداد التقرير)