منذ عشر سنوات، يدور النقاش في أوروبا حول تدفق اللاجئين الهاربين من أتون الحروب والحرمان في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وتواجه القارة الآن احتمال وصول موجة جديدة من اللاجئين- القادمين هذه المرة من أوكرانيا.
اتخذت الدول المجاورة لأوكرانيا استعدادات لوجستية تحسباً للتبعات الإنسانية المترتبة على الاجتياح الروسي الشامل للدولة التي يصل عدد سكانها إلى 44 مليون نسمة.
وفي هذا الإطار، قالت رومانيا، الدولة العضو في الناتو والاتحاد الأوروبي التي تتشارك أطول حدود مع أوكرانيا، إنها تستعد لتبعات المغامرة العسكرية التي قد يخوضها فلاديمير بوتين. ويقيم في أوكرانيا نحو 150 ألف شخص من أصول رومانية.
صرح رئيس الحكومة الروماني نيكولاي سيوكا يوم الاثنين بأن “التدابير اتخذت لضمان تقديم الدعم الضروري لتدفق اللاجئين”.
كما جهزت سلوفاكيا معاملات إدارية تضمنت الخطوط العريضة لمنح الأوكرانيين صفة لاجئين، ولكنها لم تعممها. فيما “يعمل (المسؤولون البولنديون من جهتهم) بهدوء” أيضاً على مسألة اللاجئين [يعدون العدة للتعامل مع أزمة لاجئين]، حسب تصريحات نائب وزير الداخلية ماسيج واسيك للمحطة الألمانية “دويتشه فيله”، ولكنهم لم يصدروا أي إعلان عن الموضوع بعد “لأننا لا نريد تأجيج المشاعر”. ولكن التزام الصمت أملاً بتفادي التبعات السياسية وإثارة الهلع الشعبي قد يكون خطأ جسيماً.
فليس ما يقلق روسيا وعميلتها بيلاروس، اللتان تتشاركان أطول حدود مع أوكرانيا، موضوع اللاجئين، إذ لن يفر أي شخص باتجاه روسيا، ما عدا أولئك الواقعين تحت سيطرة المسلحين الموالين للكرملين الذين يسيطرون على شرق أوكرانيا.
ونعلم بعد التجربة في الشرق الأوسط بأن بوتين يتبع طريقة خبيثة بتحويل اللاجئين وموجات اللجوء إلى سلاح يستخدمه كأداة سياسية من أجل خلق الانقسامات وأجواء السياسة السامة [تعكير الأجواء] في دول أخرى. فهو يقصف المستشفيات والمدارس والمنازل من ناحية أولى، مرغماً المدنيين على الهروب. ويقوم من ناحية ثانية بتمويل وتعزيز أحزاب اليمين المتطرف المناهضة للمهاجرين حيثما التجأ هؤلاء، فيحصد من وراء تصرفه هذا مكاسب سياسية.
كما يمكن أن يستغل بوتين اللاجئين للفوز بتنازلات أخرى. تذكروا ما قام به منذ أشهر قليلة فقط تابِع بوتين، ألكسندر لوكاشينكو، الرجل القوي الذي يحكم بيلاروس كاللورد، عندما أغرق حدود بولندا باللاجئين في محاولة لابتزاز دول أخرى كي تخفف العقوبات المفروضة عليه بعد الانقلاب الذي نفذه في انتخابات عام 2020.
بالإضافة إلى تجهيز الخيم والأغطية والحصص الغذائية، على زعماء الغرب ووسائل الإعلام شرح طريقة بوتين في استغلال اللاجئين لزعزعة استقرار دول أخرى، و”إثارة” المشاعر من قبيل التعاطف والرأفة بمن قد يلجؤون لدول خارجية.
تحية طيبة،
بورزو درغاهي
مراسل الشؤون الدولية