قضت المحكمة الدستورية في الكويت، أعلى محكمة بالبلاد، الأربعاء 16 فبراير (شباط)، بعدم دستورية مادة من قانون الجزاء تتعلق بتجريم “التشبه بالجنس الآخر”.
وكان مجلس الأمة الكويتي صوّت على تعديل المادة 198 من قانون الجزاء في 2007، في وقت قبلت المحكمة الدستورية طعناً على المادة في ديسمبر (كانون الأول) 2021.
وفي حيثيات الحكم، قالت المحكمة إن نص المادة تمت صياغته “من دون أن يتضمن النص معياراً موضوعياً منضبطاً، يتعين مراعاته، لتحديد ذلك الفعل المؤثم قانوناً”، وما يعد تشبهاً بالجنس الآخر وما لا يعد كذلك، بل جاءت عبارته “بلغة العموم والاتساع يمكن تحميلها بأكثر من معنى على نحو قد تتعدد معه تأويلاتها”، وأضافت المحكمة، “عبارات النص قد جاءت واسعة فضفاضة غير محددة للأفعال المؤثمة بصورة قاطعة… على نحو يفضي إلى المساس بحقوق كفلها الدستور”.
وعلقت منظمة العفو الدولية على هذا التعديل معتبرة أن قرار المحكمة يُعدّ إنجازاً لحقوق العابرين جنسياً في المنطقة، داعية السلطات الكويتية إلى إلغائها بأكملها. وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه “تطور جدير بالترحيب، وبمثابة إنجاز بارز بالنسبة لحقوق العابرين جنسياً في المنطقة”، ودعت إلى وقف فوري لـ “الاعتقالات التعسفية للأشخاص العابرين جنسياً، وإسقاط كل التهم والإدانات الموجهة إليهم بموجب هذا القانون المتعلق برهاب العابرين جنسياً”.
“النص واسع فضفاض”
وغرّد المحامي علي العريان في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وهو مقدم الطعن بالمادة، أن “عدم الدستورية يعني إبطال المادة في شقها المتعلق بتجريم التشبه بالجنس الآخر، بالتالي لا يعود هذا الفعل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، وتعتبر المادة السارية منذ عام 2007 كأنها لم تكن”. وأضاف العريان، “النص واسع فضفاض وغامض، الأمر الذي يترك مساحة واسعة لرجال الشرطة أن يشخصوا ما هو تشبه بالنساء من عدمه، وهو ما يعتبر دستورياً من عيوب النصوص الجزائرية التي تستلزم الإبطال”.
وعن أسباب التقدم بالطعن، قال العريان إنه “منذ أكثر من عام، كانت هناك قضية منظورة موكل بها من أحد الأشخاص المتهمين بقضية التشبه بالجنس الآخر، الأمر الذي دفعني للتقدم بأسباب دستورية موجبة لإلغاء المادة”، وتابع موضحاً، “الدستور يقضي أن تكون النصوص الجنائية واضحة، بحيث لا تترك مجالاً لرجال السلطة العامة بتحكيم رأيهم في التجريم”.
القانون سابقاً ردع بعض الذكور من ارتداء الفساتين
إلا أن النائب السابق في مجلس الأمة وليد الطبطباني، الذي عمل على قانون التجريم عام 2007، اعترض على عدم التجريم، وقال إن القانون دستوري مئة في المئة، فقد كان لي الشرف بالعمل عليه وأدى إلى حماية المجتمع من هذه الآفات، وقال الطبطباني غاضباً إن “القانون ردع قيام بعض الذكور بارتداء حمالات صدر، وفستان و”مكياج” في المعهد التجاري بقانون ألغته المحكمة الدستورية اليوم!”.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لاقت قضية مها المطيري، اهتماماً كبيراً، وهي كويتية عابرة جنسياً صدر حكم بسجنها سنتين بتهمة “التشبه بالنساء”.
عمليات تحويل الجنس!
ويأتي إلغاء تجريم التشبه بالجنس الآخر بعد عام من تنبه رواد التواصل الاجتماعي، قبل فترة، لمادة جديدة في قانون مزاولة مهنة الطب الذي أحاله مجلس الأمة إلى الحكومة في أواخر عام 2020، تسمح بإجراء عمليات تحويل الجنس في المستشفيات الحكومية وفق اشتراطات، والتي وافق عليها 45 عضواً من أصل 47 عضواً، ما تسبب بجدل بين معارض ومؤيد لهذه المادة.
وتشير المادة الـ 19 من قانون “مزاولة مهنة الطب والمهن المساعدة لها وحقوق المرضى والمنشآت الصحية”، أنه يحظر إجراء العمليات والجراحات والتدخلات الطبية كافة التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير نوع جنس الشخص، إلا أنه يجوز إجراؤها بغرض تصحيح نوع الجنس، وذلك في المستشفيات الحكومية التابعة للوزارة فقط، ووفقاً للضوابط والإجراءات الآتية: منها أن يكون انتماء الشخص الجنسي غامضاً ومشتبهاً في أمره بين الذكورة والأنوثة، وأن تكون له ملامح جسدية مخالفة لخصائصه الفيزيولوجية أو البيولوجية.
تقديم طلب التصحيح الجنسي كتابة
وأشارت المادة إلى أنه إذا تم التثبت من البندين الأول والثاني من هذه المادة بموجب تقارير طبية صادرة من الوزارة بتقديم طلب التصحيح كتابة وصراحة من المريض أو من يمثله قانوناً إلى وكيل وزارة الصحة، وترفق بالطلب المستندات والتقارير المتوافرة كافة، وأن تصدر الموافقة على إجراء هذه العملية من قبل لجنة طبية يشكلها الوزير من ثلاثة أطباء متخصصين على أن يكون رئيسهم بمستوى استشاري يتولى رئاسة اللجنة، ويكون القرار مكتوباً موقعاً من كل أعضاء اللجنة متضمناً تحديد جنس المريض والموافقة على عملية التصحيح ووفقاً للبروتوكولات الطبية المعتمدة بهذا الشأن ومصلحة المريض .
وذكرت المادة أنه يجب أن تستعين اللجنة بطبيب نفسي للقيام بالتهيئة النفسية اللازمة قبل وبعد ذلك الإجراء، كما تصدر اللجنة تقريراً طبياً بشأن حالة المريض وجنسه وذلك خلال أسبوعين من تاريخ إجراء عملية التصحيح، وعلى ضوئها يتم تعديل وتصحيح المستندات الرسمية، وأن تلتزم الوزارة بإصدار شهادة تصحيح تتضمن بيانات شهادة ميلاد المريض القديمة، ويشار فيها إلى نوع جنسه قبل وبعد إجراء عملية التصحيح وتاريخ التصحيح ونتائجه، ويدوّن فيها ملخص بيانات قرار وتقرير اللجنة، وتعتبر هذه الشهادة ذات حجية في إثبات نوع وتحديد الجنس، كما تعتبر مكملة لبيانات شهادة الميلاد، ويعتدّ بها قانوناً أمام الجهات كافة، وأن تلتزم الوزارة بإصدار شهادة التصحيح المشار إليها في البند السابق خلال فترة لا تتجاوز شهرين من تاريخ إجراء عملية التصحيح، وتقيد البيانات والإجراءات كافة التي تمت بسجل خاص لديها ويؤشر بنوع التصحيح وتاريخه وسنده في سجل ميلاد المريض القديم لدى وزارة الصحة.
الصحيفة الرسمية
وبالنسبة لتغيير الأسماء ذكرت المادة أنه بموجب شهادة التصحيح المشار إليها في البندين السابقين، يتم تقديم طلب بشأن تغيير الاسم إلى اللجنة المنصوص عليها بالقانون رقم (10) لسنة 2010 بشأن تنظيم إجراءات دعاوى النسب وتصحيح الأسماء وذلك شرط أن يختار اسماً مناسباً له وملائماً لوسطه الاجتماعي وغير مكرر بين إخوته، وتصدر اللجنة قرارها في الطلب بأسباب موجزة ويخطر به المريض أو من يمثله قانوناً عند مراجعة اللجنة المذكورة، التي يجب عليها أن تسلمه نسخة طبق الأصل من القرار، وفي حال الموافقة على تغيير اسم المريض، ينشر تاريخ ومنطقة القرار في الجريدة الرسمية.