ارتبط اسم سمر كموج بأسماء عمالقة التلحين، أمثال رياض السنباطي وفيلمون وهبي ومحمد عبد الوهاب وزكريا أحمد ومحمد القصبجي ومحمد الموجي وبليغ حمدي. لم تطرح أعمالاً خاصاً بها، لكي تحافظ على شخصيتها الفنية كمطربة تقدم الأغاني القديمة، ولكنها تميزت بغناء ألحان السنباطي التي ألفها في السنوات الأخيرة من عمره، ومن بينها تلك التي لحنها لأم كلثوم والتي حال مرضها وتقدمها في السن دون تسجيلها وغنائها.
بداية تتحدث كموج لـ “اندنبدنت عربية” عن سبب تمسكها بالأغاني الطربية القديمة وعزوفها عن تقديم أعمال خاصة، قائلة: “ظروفي لم تسمح بذلك، ولم أسع لأن تكون لي أغانٍ خاصة، لأنني أؤمن بأن الناس لا يتقبلون الفنان بالأعمال الخاصة، عندما يكون معروفاً بالأغاني الطربية القديمة. مثلاً، أمل ماهر اشتهرت بغناء الطرب من خلال تقديم أغاني أم كلثوم، وعندما أنجزت أغانيها الخاصة، لم يتقبلها الجمهور كما يجب. وأنا أتحدى بأن تكتفي بغناء أعمالها الخاصة في أي حفلة لها، لأن الجمهور يصرّ على سماع الأغاني الطربية منها. برأيي، يفترض بالفنان أن يختار من الأساس بين تقديم الأغاني الخاصة أو تقديم الأغاني الطربية لأن الجمع بينهما يقتل هويته الفنية”.
أغان خاصة
ورداً على سؤال حول ما إذا كان يحق لها أن تحمل لقب فنانة من دون أن يكون في أرشيفها أغان خاصة، تجيب: “ليس بالضرورة أن يطرح الفنان أغاني خاصة، وأنا أعتبر نفسي هاوية، لأنني درست الإعلام ودمجت بينه وبين الفن. علماً أنني غنيت ألحاناً للسنباطي لم يغنها أي فنان قبلي، وهي تعدّ أغاني خاصة تميزتُ فيها في إطار الغناء الكلاسيكي. بعد وفاة أم كلثوم استمر السنباطي بالتلحين ولكنه لم يعط ألحاناً لأي فنان، كما أنه جهّز ألحاناً لها لم تتمكن من تسجيلها بسبب المرض ومعاناتها من مشكلة في الحنجرة، فتم الاحتفاظ بها إلى أن أعلن ابنه أحمد عنها. لكن وفاة الأخير عرقلت أموراً كثيرة، لأننا كنا قد خططنا لإنتاج أعمال والده القديمة، من بينها أغاني أم كلثوم وفيروز، ولكنني قدمتها في حفلاتي. السنباطي الابن تبناني إعلامياً وقال إنه قدم تلك الأعمال لي، ولكن لا توجد أوراق رسمية تسمح لي بالتصرف فيها من دون العودة إلى العائلة، والعائلة كبيرة جداً، وهذا الأمر يتطلب الكثير من الجهد والتعب”.
وعن عدد الألحان التي لحنها السنباطي لأم كلثوم وحال مرضها دون تسجيلها وغنائها توضح: “السنباطي ترك 75 لحناً، من بينها ألحان لأم كلثوم، وأنا غنيّت مجموعة منها مثل “شوف الدنيا”، “معنى حبي”، “مين اللي ظلمك” وغيرها. هذا عدا الألحان النادرة التي أعطاها لبعض الفنانين ولكنها لم تنل حقها ومن بينها أغنية “يا قدس يا حبيبة السماء” التي سجلتها سعاد محمد في الاستديو، ولكنها لم تنشر حتى أنها لم تغنها، ولكني ما لبثت أن أحييتها وأعدت غناءها بصوتي”.
تكريم السنباطي
وتعتبر كموج أن اسمها ارتبط بالسنباطي، مع أنها غنت لمحمد عبد الوهاب ومحمد القصبجي وزكريا أحمد وفيلمون وهبي وغيرهم، لأنها اشتهرت بأعماله وقدمت بصوتها ألحانه النادرة وأغدقت في تكريمه، وتضيف: “كان لدي نقطة ضعف تجاهه وأنا أعتبره الملحن الرقم واحد في العالم العربي، ومن بعده يأتي محمد عبد الوهاب، ومن ثم فريد الأطرش فـمحمد القصبجي وزكريا أحمد ويليهم محمد الموجي وبليغ حمدي. كل ملحن لديه مدرسة خاصة به، ولا يمكن التفضيل بينهم. الفن أذواق وهناك من يعتبر أن فريد الأطرش هو الرقم واحد بين الملحنين وآخرون السنباطي، كما أن البعض يحبون فيروز وآخرون يحبون سواها. والأمر نفسه ينطبق على ماجدة الرومي وأصالة، مع أنه لا يجوز تصنيفهما مع الكبار، فهما جيدتان ولكنهما ليستا من العمالقة”.
وعن السبب الذي جعلها تقول إنها صاحبة أغاني فيروز التي لحنها السنباطي، توضح: “فيروز لم تصدرها وقد قدمها لي أحمد السنباطي أمام الرأي العام والإعلام. يحق للملحن أن يعطي اللحن لأكثر من فنان، وأحمد كان وريث والده. إيلي شويري أعطى لحن أغنية “أيام اللولو” لـصباح وسميره توفيق، ولم يكن يحق لأي منهما أن تمنع الثانية من غنائها. كنت أرغب بإصدار تلك الأغاني بعد تسجيلها بصوتي، لكنني اكتفيت بنشرها عبر اليوتيوب وغنائها في الحفلات. في السابق، لم أعلن عن هذا الموضوع تجنباً للمشاكل، ولكن بوجود اليوتيوب لا يحق لأحد الاعتراض. حتى الأغاني التي لحنها السنباطي لأم كلثوم لم يفكر أحد فيها، وأنا أتحدى بأن يكون أحد غيري قد دافع عن ألحان السنباطي، أو تجرّأ على الاقتراب منها وغنائها كما فعلت أنا، لأنها صعبة جداً من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن الفنانين مشغولون هذه الأيام بالأغاني الجديدة. أنا وقليلون مثلي يعتبرون أن ألحان السنباطي لا تموت، في حين أن الفن في حالة تراجع كبيرة، وهنا يهمني أن أسأل: من غيري من الفنانين تحدث عن السنباطي؟”.
تؤكد كموج بأنها لا تعرف السبب الذي حال دون إصدار فيروز لألحان السنباطي، ثم تعقّب: “البعض يقول إنها سجلتها، ونحن سمعنا تسريباً لقصيدة “أمشي إليك” بصوتها وهي واحدة من ثلاث أغانٍ لحنها السنباطي لها. هي قالت إنها ليست راضية عن العزف والتقطيع الموسيقيين، وتفكر بإعادة تسجيلها، ولكن القصيدة المسربة بصوتها “بتاخد العقل”، لذا أنا لم أصدق الكلام الذي تذرعت به. السنباطي الابن كان يقول إنه لا يحق لفيروز إصدار تلك الأغاني حتى لو تم تسريبها، لأن حقها فيها انتهى بمرور الزمن. في المقابل ثمة رأي آخر يقول إن فيروز اشترت تلك الألحان بينما يؤكد أحمد أن والده قدمها لها من دون مقابل”.